كلّف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وزير العدل حافظ الأختام عبد الرشيد طبي بإعداد مشروع قانون يجرّم تصدير المواد غير المنتجة محليا، وخاصة بعدما تفاقمت الأوضاع في الأسواق المحلية، مما خلق ندرة كبيرة في المواد واسعة الإستهلاك في الأيام الأخيرة، مثلما هو الحال مع مادتي الحليب والزيت، اللتان أصبحتا شبه غائبتين عن الرفوف، فيما يقوم بعض التجار الذين تتوفر لديهم، باعتماد البيع المشروط لها، أو تسويقها بالمحاباة لزبائنهم المقربين جدا، مما أرهق كاهل عدد كبير من المواطنين، خاصة من لا يملكون المال الكافي لشراء كميات تزيد عن حاجتهم تحسبا للندرة.
وعلى الرغم من الجهود التي تقوم بها الدولة من أجل تدعيم الأسواق بالمواد واسعة الاستهلاك كالزيت والسميد والسكر وغيرها، والتي كثيرا ما أكد عليها وزير التجارة في تدخلاته أمام الإعلام، إلا أنها سرعان ما تنفذ وتختفي من الرفوف، ويجد المواطن نفسه في حيرة من أمره، وفي حالة بحث متواصل عنها، وهو ما دفع المجلس الشعبي الوطني خلال شهر فبراير المنصرم إلى إنشاء لجنة برلمانية للتحقيق في الندرة التي طالت أسواقنا ومست المواد الغذائية ذات الإستهلاك الواسع، وأيضا من أجل الوقوف على الأسباب الكامنة وراء هذا من خلال زيارات ميدانية قامت بها لجنة التقصي لأكثر من عشر (10) ولايات، استمعت فيها لتجار الجملة والتجزئة ووقفت على عشرين (20) سببا وراء الأزمة.
هذا وتقف عدة عوامل وراء هذه الندرة التي تحاول بعض الأطراف افتعالها، من أجل خلق القلاقل داخل الوطن، منها الإشاعات المغرضة بنفاذها من السوق، وهو ما يدفع بالعديد من المواطنين إلى شراء كميات كبيرة وتخزينها، بالإضافة إلى المضاربة التي يقوم بها الكثير من التجار، الذين يعمدون إلى تخزين كميات كبيرة من هذه المواد عبر مستودعات سرية تم اكتشافها من قبل لجان التفتيش المشتركة ما بين الأمن والتجارة، لكن المشكل الأكبر يكمن في عمليات التهريب التي يقوم بها أشخاص انعدمت ضمائرهم، فراحوا يمررونها عبر الحدود، حيث تم العثور على زيت المائدة الجزائري في الأسواق المجاورة كتونس، ووصل الأمر إلى إحباط محاولة تهريب كميات معتبرة من المواد ذات الإستهلاك الواسع من قبل الجمارك الجزائرية، التي تفطنت إلى تمويه في تصدير بعض الشاحنات التي كانت معبأة بمواد غذائية متجهة نحو الخارج، في تخريب متعمد للإقتصاد الوطني، خاصة وأن الدولة الجزائرية تدعم هذه المواد، لحماية القدرة الشرائية للمواطن البسيط، لكن للأسف فبارونات التهريب لم يتركوا الفرصة لهذه الفئة لتعيش حالة استقرار، بدون اللجوء إلى التخزين.
ولهذا أمر رئيس الجمهورية "بمنع تصدير كل ما تستورده الجزائر، من منتجات استهلاكية كالسكر والعجائن والزيت والسميد وكل مشتقات القمح"، وتجريم هذا العمل الخطير، وذلك ليقطع الطريق أمام كل من تسول له نفسه المساس بالإقتصاد الوطني، خاصة وأنه بعد صدور هذا النوع من القوانين بالإضافة إلى قانون تجريم المضاربة، فإن ذلك من شأنه أن يحمي إقتصادنا وأيضا القدرة الشرائية للطبقة الهشة، فيما ستصبح أسواقنا مكتفية من حيث المواد الإستهلاكية التي يحتاجها الفرد، ويكون بإمكانه إقتناؤها في أي وقت يريد ذلك، خاصة وأن الدولة ستقوم "بتشجيع الفلاحين الممونين للمخزون الاستراتيجي للدولة من القمح الصلب واللين والحبوب الجافة، بتحفيزات متنوعة منها الدعم بالقروض والأسمدة ومزايا أخرى"، كما أمر بذلك رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في آخر مجلس وزراء.
