لا يفارق شاي تيميمون السهرة الرمضانية منذ عودة الأجواء والحركة إلى الشوارع والأحياء بانقضاء الأسبوع الأول ، ولا يغادر هذا المشروب الساخن المرّكز "السنيوة" الخاصة بقعدة الأحباب والأقارب ، ولا يسقط "لاتاي" من قائمة طلبات الزبائن بعد الإفطار ومباشرة مع الانتهاء من صلاة التراويح ، بعد الانخفاض المحسوس في درجة الحرارة .
التكامل والترابط بين الأشكال المتباينة للموروث اللامادي الجزائري جعل الخيمة الصحراوية تحزم أمتعتها وترحل نحو الباهية وهران ، وتسافر من أقصى الجنوب الغربي تزامنا مع استقبال شهر رمضان الكريم الى عاصمة الغرب ، عازمة على منافسة المرافق الخدماتية الأخرى التي تلقى رواجا في هذا الموسم ومصرّة على ولوج عالم النشاط التجاري في حدود إقليمية لم تعبرها سابقا .
شباب وطلبة جامعيون اختاروا طريق الممارسات التجارية والصناعة التقليدية للتعريف بمدينتهم وتسويق بضاعة حرفية بالمدينة الساحلية في حدود معروفة لا تتوقف بها الحركة في المواسم والمناسبات الدينية ولا تتقيد بالأطباق والأنواع العصرية .
من الخيمة الصحراوية ومن الألوان الثلاثة الأسود والبني والأحمر يصنع هؤلاء الشباب ديكور محلهم ، وينصبون خيمتهم المصنوعة من الوبر ويفرشون زربية الصوف ويرتبون قعدتهم بلمسة "براد شاي" الذهبي اللون المحضّر على الجمر لعدة ساعات و على نغمة قوماري التي لا تفارق "القعدة " .
وبما أن السهرة الرمضانية لا تحلو إلا في حضور الطابع التقليدي الأصيل أضحت هذه المواقع تستقطب الزبائن بأعداد كبيرة و إلى غاية ساعات متأخرة من الليل وتسوّق عروضا لا تخرج عن الطابع الثقافي الخاص بالمنطقة الذي يجمع بين الديكور الصحراوي و سنيوة السهرة بأكوابها الشفافة الصغيرة ورغوة الشاي المنكهّة بأوراق النعناع الأخضر .
وان كانت المقاهي وقاعات الشاي تحرص على عرض كل الحلويات التقليدية الخاصة بفن الطبخ الجزائري و التركي والسوري ، فإن خيمة تيميمون لم تُهمل هذا الجانب المهم في العلاقة الثنائية وراحت هي الأخرى تُحضّر أُكلات يشتهر بها الجنوب الغربي مثل "المعكرة و الرفيس و المبسس" وحلويات خاصة بالشرق والوسط حتى يقف الزبون على هذا النوع من المزيج ويحظى بمتعة التذوق في ظروف مريحة لا تقل عن تلك التي توفرها المرافق الخدماتية الأخرى وبطريقة مغايرة تسحر الوافد وتجعله يُدمن عليها ولا يستغني عن شاي تيميون .
