عاد المنتخب الوطني للاعبين المحليين إلى أجواء التحضيرات، وهذه المرة بالعاصمة الكينية نايروبي تحسبًا للمواجهة المنتظرة أمام منتخب النيجر، والتي ستجرى الإثنين بداية من الساعة 18:00 على أرضية ملعب نيايو الوطني، وهي مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين وتدخل في إطار الجولة الثالثة والأخيرة لدور المجموعات من منافسات المجموعة الثالثة ببطولة أمم إفريقيا للمحليين "الشان" 2024 (المؤجلة إلى 2025)، حيث ستكون نتيجتها أشبه بمرآة تعكس مصير "الخضر"، فإما تأشيرة العبور نحو ربع النهائي وإما نهاية حلم لم يكتمل، لذلك فإن الحسابات واضحة والرهان كبير والطريق نحو التأهل يمر عبر فوز لا بديل عنه. المنتخب الوطني دخل هذه المحطة بعد مباراة مثيرة أمام غينيا، لقاء حمل الكثير من الندية والإثارة، وانتهى على وقع التعادل الإيجابي (1-1)، ورغم أن "الخضر" وجدوا أنفسهم متأخرين في النتيجة إلا أن الروح الجزائرية تجلت في أبهى صورها حين رفض أشبال مجيد بوقرة الإستسلام وواصلوا الضغط حتى الرمق الأخير، ليأتي المهاجم بيازيد كمنقذ في اللحظات الحاسمة ويوقع هدفًا ثمينًا في الدقائق الأخيرة، هدف لم يكن مجرد تعديلا للنتيجة، بل كان بمثابة شحنة معنوية ورسالة واضحة مفادها أن المنتخب الجزائري لا يسقط بسهولة، وأن عزيمته قادرة على قلب الموازين متى اشتدت الظروف واحتدمت التحديات. كتيبة بوقرة قدمت أول أمس أداءً جيدًا وسيطرت على مجريات اللقاء وأحكمت قبضتها على وسط الميدان، إلا أن غياب التركيز في الثلث الأخير حال دون تجسيد السيطرة إلى أهداف، حيث ضاعت فرصا بالجملة إما بسبب التسرع وإما بسبب قلة الفعالية أمام مرمى الخصم، فيما تألق الحارس كوليبالي حامي عرين منتخب غينيا فكان صمام الأمان لفريقه وسدًا منيعًا حال دون اهتزاز شباكه أكثر من مرة. وقد أثبتت تلك المباراة أن المنتخب يمتلك هوية لعب واضحة وروحًا جماعية، غير أنه ما يزال بحاجة إلى الحسم أمام المرمى حتى يُترجم الفرص إلى نتائج ملموسة. ولأن كرة القدم لا تُبنى فقط على الأداء بل أيضًا على نتائج باقي المنافسين، فقد ابتسم الحظ لـ"الخضر" بعدما انتهت مواجهة جنوب إفريقيا والنيجر على وقع التعادل السلبي، نتيجة أعادت التوازن إلى المجموعة وجعلت كل شيء بيد المنتخب الجزائري، إذ بات الفوز على "المينا" في مباراة الغد كافيًا لضمان التأهل إلى الدور ربع النهائي، فالمعادلة بسيطة والفرصة متاحة والطموح كبير، وما على اللاعبين سوى استحضار الروح القتالية التي لطالما ميّزت الأجيال المتعاقبة على الكرة الجزائرية. اللقاء أمام النيجر لن يكون سهلًا، لأنه لقاء مفصلي يضع كل لاعب أمام مسؤوليته ويضع كل جماعة أمام امتحان وحدتها، فإما أن يُترجم الإنضباط التكتيكي إلى فوز يفتح أبواب البطولة على مصراعيها وإما أن تضيع الجهود في تفاصيل صغيرة، لذلك فإن التركيز سيكون كلمة السر، والإصرار سيكون السلاح، والعزيمة ستكون الطريق الأقصر نحو المجد، فالمنتخب الجزائري لطالما عرف كيف يتعامل مع المباريات الكبرى حين يُدرك أن النتيجة تحدد المصير وتختزل الطموحات في تسعين دقيقة. من جهتها الجماهير الجزائرية تترقب هذا الموعد بلهفة وتعلّق آمالًا كبيرة على هذه الكتيبة الشابة التي حملت على عاتقها مسؤولية الدفاع عن الألوان الوطنية، فهي جماهير اعتادت أن ترى منتخبها يقاتل من أجل الراية ويفرض حضوره في المواعيد القارية، لذلك فإن أعين الملايين ستتجه نحو نيروبي غدًا، حيث سيتابعون بحماس تفاصيل اللقاء لحظة بلحظة، والأمل في أن يرفع "الخضر" راية الجزائر عاليًا كما عودوا الجميع.
