احتضنت جامعة غليزان، اليوم الإثنين، فعاليات المؤتمر العلمي الدولي الهجين الموسوم بـ"آليات التمكين الرقمي في التعليم الجامعي بالعالم العربي"، الذي نظمه مخبر الدراسات الاجتماعية والنفسية والأنثروبولوجية بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بالتنسيق مع فرقة البحث التكويني والمواطنة الرقمية والاستخدام الآمن والأخلاقي للوسائط التكنولوجية.
وشهد المؤتمر مشاركة واسعة لنخبة من الأساتذة والباحثين من مختلف الجامعات الجزائرية، إلى جانب متدخلين من سلطنة عمان والعراق وتونس. وقد تمت برمجة أكثر من 170 مساهمة علمية، ما يعكس الاهتمام المتزايد بقضايا الرقمنة في التعليم العالي بالوطن العربي.
جاءت هذه التظاهرة العلمية في ظل التحولات العميقة التي فرضتها جائحة "كوفيد-19"، والتي دفعت مؤسسات التعليم العالي إلى الاعتماد المتزايد على المنصات الرقمية. وقد أفرز هذا الوضع تحديات مرتبطة بكيفية استثمار الوسائط التكنولوجية، تطوير البنى التحتية، وتعزيز مهارات التعلم الذاتي، فضلا عن إعادة تحديد دور الأستاذ الجامعي في بناء بيئة تعليمية عصرية وفعّالة، حسب ما أوضحت الدكتورة بن عمار سعيدة، رئيسة اللجنة العلمية للمؤتمر.
تميز اليوم الأول بمداخلات علمية تناولت أهمية التطورات التكنولوجية والمستندات الرقمية في دعم التعليم والتعلم والبحث العلمي، إضافة إلى عرض التجارب الدولية في هذا المجال. وقد ركزت تجربة جامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان على آليات التمكين الرقمي المؤسساتي، حيث أكد الدكتور هلال الرشيدي أن التحول الرقمي أصبح أداة فعالة لتجويد المقررات العلمية وتكييفها مع متطلبات سوق العمل.
كما قدّم الدكتور عدالة العجال، مسؤول مركز التقنيات الحديثة للإعلام الآلي بجامعة التكوين المتواصل، مداخلة حول دور الرقمنة في دعم التعليم والبحث وخدمة المجتمع، مبرزا أهمية المستندات الرقمية في تسهيل عملية التعلم.
إلى جانب ذلك، ناقش باحثون جزائريون واقع الجامعة الجزائرية وسبل جعل الرقمنة مدخلا لبناء الكفاءات والمهارات، مع التوقف عند البعد السوسيولوجي للرقمنة عبر طرح موضوع التثقيف الرقمي وأبعاده الفكرية والمعرفية في التعليم العالي.
أما اليوم الثاني من أشغال المؤتمر العلمي الدولي الهجين الأول من نوعه، الذي تجرى فعالياته عن بعد، فسيتجه النقاش نحو استشراف مستقبل التمكين الرقمي، عبر محاور تتعلق بدور أدوات الذكاء الاصطناعي في تحسين العملية التعليمية، ورقمنة المراكز البحثية، فضلا عن التحديات الأمنية والأخلاقية التي تفرضها الرقمنة وضرورة إدماجها ضمن استراتيجيات البحث العلمي في الجزائر والعالم العربي.
وأكد القائمون على المؤتمر أن الهدف الأساسي من هذه التظاهرة العلمية هو إبراز الرقمنة كخيار استراتيجي لتحديث مؤسسات التعليم العالي، والانتقال من مجرد استخدام التكنولوجيا إلى التمكين الرقمي الذي يضمن توظيفها بمهارة ومسؤولية من طرف الطلبة والأساتذة والإداريين.
كما شدد المشاركون على أن الرقمنة أصبحت ركيزة أساسية في تحديث الخدمات الإدارية، تطوير المناهج، وملاءمة المخرجات التعليمية مع متطلبات سوق العمل، في انسجام مع الرؤية المستقبلية للجامعات العربية.
وقد عرف المؤتمر حضورا واسعا واهتماما لافتا من الجامعات والمدارس والمعاهد داخل الجزائر وخارجها، مما يعكس وعيا متزايدا بأهمية التحول الرقمي في التعليم العالي كوسيلة لتحقيق الجودة والابتكار وخدمة المجتمع.
