وقعت المديرية العامة للجمارك, اليوم السبت بالجزائر العاصمة, اتفاقية تعاون مع المحكمة العليا, تهدف إلى تبادل الخبرات والتجارب لا سيما في مجال التكوين, لدعم القدرات التأهيلية في المادة الجمركية
التشريعية والتنظيمية.
ووقع الاتفاقية كل من المدير العام للجمارك, اللواء عبد الحفيظ بخوش, والرئيس الأول للمحكمة العليا, الطاهر ماموني, خلال أشغال يوم دراسي حول "الطعن بالنقض في المادة الجمركية", جرى بحضور النائب العام لدى المحكمة العليا وممثلين عن وزارات العدل والمالية والدفاع الوطني, وكذا المحكمة الدستورية, مع متابعة المجالس القضائية لأشغال هذا اليوم الدراسي عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد.
وستشكل هذه الاتفاقية إطارا تنظيميا لوضع حيز التنفيذ, على مدار السنة, برنامج عمل مشترك بين الهيئتين, لتبادل التجارب والخبرات, لا سيما في مجال التكوين لدعم القدرات التأهيلية في المادة الجمركية التشريعية والتنظيمية, من خلال تنظيم لقاءات وأيام دراسية ودورات تكوينية بصفة منتظمة.
وأوضح السيد ماموني في مداخلة له بالمناسبة أن هذه الاتفاقية "تؤسس لعمل مشترك في إطار التعاون لحل جميع الإشكالات المتعلقة بتطبيق القوانين والتنظيمات الجمركية على مستوى قضاء النقض, ونتمنى أن تكون بادرة خير على القضاء بصفة عامة وعلى جميع المؤسسات العمومية, التي تقوم بدور م
ماثل للجمارك, والتي نتمنى التحاقها بهذا الركب".
وعرف اليوم الدراسي, المنظم بالتنسيق بين المديرية العامة للجمارك والمحكمة العليا, تقديم مداخلات من طرف إطارات الهيئتين, حول إجراءات الطعن بالنقض في القضايا الجمركية والاجتهاد القضائي في المادة الجمركية وكذا إدارة الجمارك كطرف مدني ممتاز في الدعوى الجمركية.
وأبرز المتدخلون أن الطعن بالنقض يمكن المحكمة العليا من ممارسة رقابة مزدوجة على الأحكام والقرارات المطعون ضدها وهي الرقابة التأديبية والرقابة القانونية (المعيارية).
وتمنح الرقابة التأديبية للمحكمة العليا واجب إلزام المحاكم الدنيا من احترام القواعد الأساسية للإجراءات الجوهرية في الفصل والمحاكمة, كما تمكن الرقابة القانونية المحكمة العليا من التأكد من حسن تطبيق القانون الموضوعي والإجرائي كذلك, من قبل ذات الجهات القضائية, بما يسمح لها بإنشاء القاعدة القانونية,
عند الاقتضاء, بواسطة الاجتهاد القضائي.
كما تم إبراز أهمية استغلال القرارات والاجتهادات الصادرة عن المحكمة العليا في المادة الجمركية, باعتبارها وسيلة فعالة لتحسين عمل مصالح الجمارك من جهة وضمان فاعلية المتابعات أمام الجهات القضائية من جهة أخرى.
وأكد المتدخلون على أن القرارات الصادرة عن المحكمة العليا في المادة الجمركية ليست مجرد حلول فردية لنزاعات محددة, بل هي أدوات فعالة يمكن لمصالح الجمارك استغلالها لتحسين أدائها وضمان فاعلية متابعة القضايا أمام الجهات القضائية, لأنها توفر مرجعا موحدا لتفسير النصوص الجمركية, وتوجه الأعوان في تكييف الأفعال والإجراءات, كما تدعم المرافعات أمام القضاء.
وتواجه الاستفادة من هذه القرارات صعوبات تخص النشر, مما يعيق حسن استيعابها وبالتالي حصول الفوائد المرجوة من استغلالها, وهو ما يفرض ضرورة العمل على
رقمنة الاجتهاد القضائي وإدماجه في التكوين المستمر, وتعزيز التعاون بين الجهاز القضائي ومصالح الجمارك.
ويساهم توظيف الاجتهاد القضائي بشكل منهجي ومدروس في تحقيق العدالة الجمركية, ويعزز الأمن القانوني, ويمنح لمصالح الجمارك أدوات عملية أكثر فاعلية في أداء مهامها, بما ينعكس إيجابا على حماية الاقتصاد الوطني ومصالح الدولة, حسب ما جاء في المداخلات.
وخلص المتدخلون خلال هذا اليوم الدراسي إلى جملة من الاقتراحات على غرار إنشاء قاعدة بيانات رقمية لأهم الاجتهادات القضائية المتعلقة بالمادة الجمركية وإدراج مادة "الاجتهاد القضائي الجمركي" ضمن برامج التكوين الأساسي والمستمر لأعوان الجمارك والقضاة المتخصصين, وتوحيد التوجهات القضائية من خلال قرارات غرف موحدة بالمحكمة العليا في القضايا الحساسة, ضمانا للاستقرار القانوني.
كما تمت الدعوة إلى الاعتماد على الاجتهاد القضائي كأداة استباقية في إعداد النصوص القانونية المستقبلية, بما يضمن معالجة الثغرات التي ظهرت أثناء التطبيق العملي
