اليوم في ركن "أفراح الجزائريين" التي تأخذ النصيب الأكبر من اهتمامات العائلات مع نهاية السنة الدراسية وانطلاق موسم الاصطياف ، نقف عند محطة لا تقل أهمية عن المناسبات العائلية التي يحييها المجتمع الجزائري خلال هذه الفترة الزمنية بالذات والتي لا يزال يتمسك بضوابطها بتعديلات متباينة من أسرة لأخرى في طريقة الاحتفال وكيفية إحياء هذا الحدث الهام .
ففي رسم بياني تحدد معالمه مظاهر الكد والجد وتضبط حدوده حتمية الطموح والإرادة، يحقق طالب العلم أخيرا النجاح ويقترب من محطته النهائية ويتوج في أخر المطاف بعد سنوات من الدراسة والبحث بشهادة التفوق في التخصص الذي اختاره وتشاركه فرحته أسرته التي رافقته طيلة هذه الأعوام ، حتى يصل إلى مبتغاه كلها فخر واعتزاز بابنها الذي تغلّب على عثرات الحياة .
بعد فرحة نيل شهادة البكالوريا واجتياز عقبة الانتقال إلى التعليم العالي والبحث العلمي ، تطل على الطلبة الجامعيين المقبلين على إنهاء مرحلة ما بعد التدرج من جديد أجمل مناسبة في حياتهم يحتفلون فيها ببهجة التخرج وافتكاك شهادة الماستر، أو الدكتوراه في حضور الأهل والأقارب والأصدقاء .
لم تعد حفلات التخرج تقتصر على أجواء الاحتفال ذات النطاق الضيق الذي لا يتعدى تجهيز القاعة وتزيينها لاستقبال الضيوف من الأهل والأساتذة والزملاء بعد مناقشة الأطروحة وتقييم عملهم ، فقد تحولت في السنوات الأخيرة إلى عرس بمعنى الكلمة يحرص فيه الطالب على إتباع كل الخطوات المكملة لها ،كبيرة كانت أو صغيرة وكأنه ملك جمال دفعته ، بداية من الزّي الأكاديمي الذي يرتديه يوم التخرج وله هنا حرية اختيار العباءة المناسبة واللون الذي يفضله بعدما أصبحت تجمع بين الأسود والأحمر أو الوردي أو البني ، ثم الأطباق التي ترافق الحفل من مكسرات وحلويات ومملحات بأذواق وأنواع متباينة مرفوقة بقارورات الماء والعصير المكتوب عليها اسم المتخرج .
هذه الكماليات تفرض على الأولياء احترام بريستيج أجوف بتكاليف باهظة هم في غنى عنها، وكأن فرحة التخرج لا تكتمل إلا في حضور الشروط التعجيزية وتطبيقها حرفيا وبالطريقة التي يمليها عليهم أبنائهم ، ويا ليت الأمر ينتهي عند هذه المحطة فقط ، حيث يشترط المتخرج مراسم أخرى يختار تاريخها ومكانها في الوقت المناسب سواء بصالة الأفراح ، أو في فضاء مفتوح يتقاسم فيها مجددا فرحة الشهادة .
