يحتفل مريدي الطريقة العلاوية في مدينة غليزان بليلة السابع والعشرون من شعبان بطريقة خاصة، يسمون هذه الليلة بالشعبانية، وهي أمسية دينية تجمعهم في زاوية الشيخ العلاوي، مؤسس هذه الطريقة الصوفية، ويأتي إليها المريدون من كل أنحاء الوطن، ليشاركوا في الدعاء والمديح والتضرع إلى الله، وليعبروا عن قيم التآزر والتضامن التي تميز هذه الطريقة.
"الشعبانية تجمعنا بشيخنا وببعضنا" هكذا يقول خليل عبد الحفيظ، أحد مقدمي الطريقة العلاوية، والذي يشرف على تنظيم الشعبانية في غليزان. ويضيف: "الشعبانية هي ليلة مباركة، نحتفل فيها بليلة السابع والعشرون من شهر شعبان، ونستعد فيها لاستقبال شهر رمضان، وهي أمسية نلتقي فيها مع شيخنا العلاوي، الذي نتبع تعاليمه ونحبه كأب لنا، وهي ليلة نلتقي فيها مع إخواننا من مريدي الطريقة من كل الولايات، ونتبادل معهم السلام والمحبة،وهي ليلة نتقرب فيها من الله بالقرآن والذكر والمديح، وندعوه أن يغفر لنا ويتقبل منا ويفرج عنا".ويقول خليل أن الشعبانية تحتاج إلى تحضير جيد، وأنه يبذل جهودا كبيرة لإنجاحها، ويقول: "نبدأ في التحضير للشعبانية منذ شهرين، حيث نرسل الدعوات للمريدين في كل الولايات، ونستقبل تأكيدات حضورهم، ونتواصل مع الشيوخ والمنشدين الذين سيشاركون في الامسية ،ونجهز الزاوية بالتزيين والتنظيف والترتيب، ونحضر الطعام والحلويات للضيوف، ونتأكد من أن كل شيء جاهز قبل يوم الشعبانية".
ويقول خليل أن الشعبانية تبدأ بعد صلاة العصر، وتستمر حتى قبيل صلاة العشاء . ويقول: "نجتمع في الزاوية، ونبدأ بتلاوة القرآن الكريم جماعيا، ثم يلقي أحد الشيوخ كلمة افتتاحية،يذكر بفضائل شهر شعبان وشهر رمضان، ويحث على الاستغفار والتقوى والإحسان ،بعد ذلك، نبدأ بالذكر والمديح، حيث نردد بصوت واحد أدعية وأذكار وأشعار صوفية من ديوان الشيخ العلاوي، ونمدح الله ورسوله والأئمة والأولياء، ونستمع إلى بعض الأناشيد والموشحات الدينية التي تزيد من روحانية الليلة، ونختتم بالدعاء الجماعي والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم". "الشعبانية تعلمنا القيم الإنسانية" هكذا يقول مصطفى غلمول في الشعبانية الذي قدم من مدينة وهران ، الذين يشهد بأن هذه الأمسية تؤثر على حياته بشكل إيجابي. ويقول: "الشعبانية تعلمنا القيم الإنسانية، مثل الإخلاص والتواضع والصبر والرحمة والعفو والسماحة،وتعلمنا كيف نعيش مع بعضنا بالمودة والرحمة والتعاون والتكافل، وتعلمنا كيف نتعامل مع الناس بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار البناء، وتعلمنا كيف نساهم في تنمية مجتمعنا بالعمل الصالح والمبادرة الخيرة والمشاركة الفاعلة".ويقول أن الشعبانية ترسل رسائل مهمة للمجتمع، منها الوحدة والتآلف حيث تظهر مريدي الطريقة كأسرة واحدة، تجمعهم العقيدة والمنهج والمحبة، وتظهر تآلفهم مع باقي المسلمين والجزائريين، واحترامهم للتنوع والاختلاف والتعددية، وأكد مصطفى أن هذا التجمع يدعو إلى الإصلاح والتجديد في الفكر والسلوك والممارسة الدينية، وترفض التشدد والجمود والتقليد الأعمى، ويحث على الاستفادة من التراث الصوفي والتكامل مع العصر واضاف أن مثل هذه الأمسية تمنح شعورا بالسعادة والرضا بما قسمه الله لهم من النعم والابتلاءات، وتعلمهم كيف يكونون قنوعين وشاكرين وصابرين ومتفائلين، وتعلمهم كيف يسعون لتحقيق السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة" هذه بعض الرسائل التي تحملها الشعبانية للمجتمع، وهي رسائل تعبر عن روح الإسلام وقيمه السامية، وعن الفرحة التي ترتسم في شفاه مريدي الطريقة إزاء قدوم شهر رمضان المعظم
