"اللهم أهل علينا شهر رمضان بالأمن والإيمان و السلامة والإسلام، والخير واليمن والبركات" وبالنصر والثبات للمجاهدين في غزة والضفة في كل الساحا، والمرابطين في جبهات المقاومة في لبنان واليمن والعراق، وبالصبر و الرحمة لضحايا مجازر الإرهاب الصهيوني، وبالخزي والعار على من وإلى المغضوب عليهم والضالين ،بالأمس واليوم وإلى يوم الدين" اللهم آمين...
بهذا الدعاء نستقبل شهر رمضان المبارك لهذا العام، لأننا نعتقد أن الاستعداد للعبادة لا يمكن أن يكون إلا بعبادة، وهو ما ينبغي أن يصبح ضمن عاداتنا و تقاليدنا في التحضير و الاستعداد لاستقبال شهر الصيام رابع أركان الإسلام . لاشك أننا جميعا هيّأنا أنفسنا لهذا الشهر الفضيل، لكن ماذا أعددنا له بالفعل؟ ستقولون أن النساء قمن كما هي العادة، بحملة تنظيف شاملة لأركان البيت وزواياه و أوانيه وأثاثه احتفاء بالضيف الكريم، وأنهن أعددن أجود وأثمن البهارات و التوابل لتعطير وجبات الإفطار ؛ وسنقول أن كل هذه الأمور لا حرج فيها كونها من الطيبات التي أحلها الله لعباده شريطة أن يكون مصدر كسبها حلال، وشريطة ألا تتجاوز المعقول لتدخل مجال الإسراف ..و هو مجال أضحى له من يروج له عبر شبكات التواصل الاجتماعي في شكل فيديوهات لمؤثرين ومؤثرات يعلِّمن النسوة وصفات حول "تقنيات" تخزين مختلف المواد الاستهلاكية, لمواجهة أي ندرة لمواد استهلاكية خلال شهر الصيام؟، وهو سلوك قد يكون سببا في حدوث مثل هذه الندرة ؟. هل سلوكنا في هذا الشأن يقف عند حدود الاعتدال، أم أننا نتعمد المبالغة في الإسراف إلى حد الهوس؟، بل ألا يتجاوز هذا الإسراف مجال الأكل والشرب ليطال نواحي أخري من حياتنا الرمضانية، ألا يوجد منا من يقضي يومه نائما وليله ساهرا في رمضان فلا هو استفاد من صومه ولا هو غنم من سهره؟.
ألا يوجد منا من يقضي ليله مسمرا أمام شاشات التلفزة يتابع المسلسلات والأفلام و يشاهد الكاسيات العاريات اللائي تتفنن بعض الفضائيات في تقديمهن لجمهور الصائمين والصائمات في رمضان بالذات؟، أم أننا ننكر انتشار دور الطرب والأنس ، وازدهار نشاط قاعات الحفلات في شهر رمضان على وجه الخصوص لاستقطاب الشباب و غير الشباب الذكور و الإناث لإحياء ليالي رمضان في أجواء تسيء إلى حرمة الشهر وعظمة العبادة التي أضافها الله إلى ذاته سبحانه جلت قدرته؟.
هل سأل أحدنا نفسه في هذا الشهر الفضيل كم ينفق يوميا تلبية لهواه ورغباته ؛ وكم ينفق في المقابل لمساعدة الفقراء والمحتاجين في محيطه؟، وهل تساءل أحدنا عما يجنيه من قضاء ليالي رمضان في الحديث الذي لا ينفع، وفي لعب الورق في المقاهي وفي تدخين السجائر ؟، وعما يدفع جموع المصلين إلى استعجال إتمام صلاة التراويح والسرعة في إخلاء بيوت الله من أجل ملء مرافق اللهو؟ . فإذا كنت ممن لا يعرفون كيفية الإعداد لرمضان فما عليك سوى الالتزام بالطاعات والخيرات، فإنها خير الزاد لشهر الصيام و كافة شهور العام، وأبواب الطاعات والخيرات واسعة مشرعة أيها اخترت تكون قد أكرمت بها الشهر الفضيل . ولعل أيسرها وأعظمها قراءة القرآن الكريم و المداومة على صلاة الجماعة، وحسن معاملة الناس و صلة الأرحام والتصدق على الفقراء والمساكين وكف اللسان عن الكذب وإيذاء الناس وغض بصرك عن الحرام و أذنك عن اللغو و اللهو وقلبك عن الحسد و الحقد والضغينة ويدك عن الآثام و فمك عن طريق الفساد ؛ و أكثر من الدعاء و الاستغفار و لا تستكثر أو تتكبر على سماع النصائح و العظات ، لأن قوام الدعوة إلى الله تتلخص في الحكمة والموعظة الحسنة و المجادلة بالتي هي أحسن، كما بين ذلك الله جل جلال في محكم تنزيله. ربنا اغفر لنا ذنوبنا و إسرافنا في أمرنا و ثبت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين. آمين.
