الانسان ابن بيئته والطفل ابن أسرته

الانسان ابن بيئته والطفل ابن أسرته
مجتمع
يترعرع الانسان في بيئته الأولى و يتشرب منها القيم و المبادئ و مهارات الحياة.. الأهل المسيطرون: يتحكمون في التفاصيل و يملون على الأولاد كل التصرفات و يرضون منهم أي مبادرة أو اختلاف أو خروج عن المالوف، و قد يصلون إلى درجة تسطير حياة أبنائهم بشكل مسبق ، ثم يمضون الوقت المتاح في محاولة إبقاء الأبناء في مسار تنفيذ تلك الأهداف بدون التفات الى خصائص هؤلاء الأبناء و لا احتياجاتهم و لا الميزات التي تجعلهم أقرب إلى مسارات أخرى يسبب هذا السلوك أحيانا تشنج في العلاقة خصوصا إذا كان هناك فجوة في التوقعات و الرغبات ، فإما أن ينتج ذلك صداما دائما ينتهي بانتصار أحد الطرفين ، أو يكون هناك اتباع و خضوع و تنازل لتجنب الألم و الصراع. و ينتج لنا أبناء مسيطرين في المستقبل ، أو بالعكس شخصيات متمردة عنيدة لا تقبل الانقياد لأي توجيه. الأهل المتسيبون: يتركون الأمور تمشي من تلقاء نفسها ، ويتركون الأولاد يكبرون بدون توجيه كبير و لا تدخل، يكتفون بتوفير الاحتياجات المادية الأساسية و ينتظرون من الأبناء أن يحددوا مستقبلهم بأيديهم و يختاروا بأنفسهم مسارهم الشخصي؛ و المهم عندهم ألا يسببوا لهم المشاكل و لا يدخلوهم في المتاهات. قد يسبب هذا السلوك تنشئة الأبناء على التسيب و عدم الجدية و اللامبالاة و عدم وجود نموذج واضح يعتبر قدوة و نموذج إيجابي يعتمد عليه للتقدم الشخصي. الأولياء الحامون و المدللون: يعتبرون أولادهم هم مشروع حياتهم، و هدفهم في الحياة هو نجاح أبنائهم و تفوقهم و رفاههم، و يضحون بكل شيء في سبيل هذه الغاية و لو على حساب راحتهم و سعادتهم و صحتهم، المهم ان يوفروا للأولاد كل الرعاية و الحماية اللازمة. يسبب هذا السلوك عموما ظهور شخصيات هشة و ضعيفة تحتاج إلى حماية و رعاية و توجيه و مرافقة مستمرة و دائمة مهما تقدم بهم العمر، فيستمرون في الاعتماد على الغير و يجدون صعوبة كبيرة في اتخاذ القرارات ، فيصبحوا اتكاليين الأولياء الناقدون المثاليون: يرفعون سقف التوقعات ، يكثرون التوجيه و النقد ، و لا يتقبلون الأخطاء و لا التقصير و لا المخالفة في الرأي ، يعتمدون على المقارنة و اللوم و الجوائز المادية و العقوبات الفورية و تعمد الألم للدفع نحو أهداف الأسرة. ينتج هؤلاء عموما شخصيات لها نقص ثقة في النفس و تشعر بالتقصير و الدونية و ضعف في تقدير الذات.. لا يسمح لهم ذلك بالتقدم بشكل جيد بل بألم و مرارة...أو ينتج شخصيات متمردة على الأسرة و قيمها و لا تقبل النقد أو التوجيه، و تتعمد إيذاء الغير نتيجة العقد الداخلية الدفينة. الأولياء المتناقضون المتصادمون : زوج و زوجة يخوضون صراعا مستمرا حول الأهداف و قوانين البيت و تقاسم الواجبات ، و قد يصل هذا الخلاف للتلاسن و العنف اللفظي أو الجسدي. تجعل هذه العلاقة بيئة الأسرة متوترة و مليئة بالتهديد و الألم و عدم الشعور بالأمان .كما تعطي للأبناء صورة مشوهة و سلبية عن العلاقة الزوجية تجعلهم ينظرون بشكل سلبي لأحد الوالدين أو كليهما، و قد يؤثر هذا على تقبل ذواتهم كأولياء في المستقبل، و كيف سيمارسونه.. كما قد يؤدي للانحياز لأحد الطرفين و نصب العداوة للطرف الآخر. أولياء متفاهمون متكاملون متعاونون: يتميزون بالمرونة و سهولة التعامل و التشاور و التسامح و التعاون و تقاسم الأدوار و التقبل للآخر عند التقصير أو الوقوع في الخطأ، يعتمدون التشجيع و الإصغاء و الاهتمام بالمشاعر أكثر من النتائج المنتظرة ، لأن العلاقة الأسرية دائمة وأبدية تتجاوز الزمن و تمتد من الدنيا إلى الآخرة. تنتج هذه البيئة أشخاصا متوازنين متصالحين مع أنفسهم ، يعملون بالمتعة و الاحترام و التعاون، يتفادون إيذاء الغير بشكل متعمد، واثقون من أنفسهم و يشعرون بالأمان و الثقة بالنفس. لذلك من المهم أن نعطي للبيئة الأسرية و السلوك العام للأولياء أهمية خاصة حتى نعيش بتوازن و سعادة و نستمتع مع أهلنا بأقصى حد على قدر العمر الذي سنقضيه مع بعض.

يرجى كتابة : تعليقك