شهد اليوم الاثنين انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للأرشيف، في أجواء متميزة جسدت أهمية هذا الحدث الدولي الذي أُسندت وهران شرف احتضانه، بحضور المدير العام للأرشيف الوطني برئاسة الجمهورية، السيد محمد بونعامة، وعدد من الشخصيات الوازنة في مجال التوثيق والأرشفة.
وفي كلمته الافتتاحية، شدد المدير العام للأرشيف الوطني، محمد بونعامة، على ضرورة ترسيخ ثقافة التحول الرقمي في تسيير الأرشيف، معتبرًا أن الوثيقة ليست مجرد مادة محفوظة، بل هي وعاء للهوية والذاكرة الجماعية ومصدر استراتيجي في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة. وأكد أن الأرشيف بات اليوم مكونًا رئيسيًا في معادلة السيادة الوطنية.
واعتبر بونعامة اختيار وهران لتكون مركز احتفالات هذا الأسبوع خيارًا طبيعيًا، لما تتميز به الولاية من إرث أرشيفي ضارب في عمق التاريخ، بدءًا من الحقبة العثمانية، مرورًا بفترة الاستعمار الفرنسي، وصولًا إلى مرحلة بناء الدولة الحديثة، ما يجعلها منصة مثالية لتجديد النقاش حول دور الأرشيف في بناء الدولة الحديثة.
من جهته، أكد والي وهران، السيد سمير شيباني، في كلمته خلال الفعالية، أن الأرشيف ليس مجرد وثائق محفوظة في صناديق، بل هو إرث يجب صيانته باعتباره شاهدًا على التاريخ ومصدرًا للحقوق. وألحّ على ضرورة عصرنة إدارة الوثائق والارتقاء بالأرشيف المحلي، خصوصًا على مستوى الدوائر والبلديات، مشددًا على أن الدولة لن تدخر جهدًا في دعم عمليات الرقمنة والتكوين في هذا المجال.
كما نوه شيباني بدور مركز الأرشيف الولائي الجديد ببلدية بئر الجير، الذي أُنجز لمواكبة النقص المسجل في الهياكل القديمة، ويستوفي اليوم المعايير الدولية في حفظ الوثائق.
كما عبّرت المديرية العامة للأرشيف الوطني عن إشادتها بالجهود المبذولة من قبل السلطات المحلية ومختلف الفاعلين، في سبيل حماية الذاكرة الوطنية وصون الوثائق الرسمية، مؤكدة التزامها بالمضي قدمًا في تنفيذ استراتيجية وطنية طموحة للتحول الرقمي في مجال الأرشفة
ومنه جاء في الفعالية مراسم تكريم نخبة من الأسماء الجزائرية الرائدة التي بصمت تاريخ الأرشيف الوطني والدولي، على غرار البروفيسور عبد القادر عبد الإله، البروفيسور لخضر عمراني، فوزية فاطمة خثير، البروفيسور مصطفى فؤاد صوفي، راجي محمد الكبير، وعائلة المرحوم رضوان عماد ثابت، بالإضافة إلى البروفيسور سلال عاشور، عرفانًا بإسهاماتهم الكبيرة في حفظ الذاكرة الوطنية وتطوير ممارسات الأرشفة في الجزائر.
وفي ختام تضمنت التظاهرة تدشين معرض خاص بالأسبوع العالمي للأرشيف، تخلله تنظيم أبواب مفتوحة بمقر أرشيف ولاية وهران، حيث عُرضت وثائق نادرة لمعاهدات السلم والصداقة والتجارة التي أبرمتها الجزائر مع دول أجنبية، إلى جانب محطات أرشيفية من العهد العثماني، وأخرى تسلّط الضوء على مسار حياة الوثيقة الإدارية ومعايير الحفظ.
